تعليل القرارات الإدارية


تعليل القرارات الإدارية


الدكتور ميمون يشو

تحليل لمقتضيات القانون رقم 03.01 المتعلق بإلزام إدارات الدولة والجماعات المحلية وهيآتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها الفردية السلبية.(1)

عنوان القانون

تم تعمد ذكر كلمة : إلزام... للتذكير بوجوب التعليل والإشارة إلى البدء بالعمل بهذا القانون يهدف إلى وضع خط فاصل بين حقبتين : حقبة كانت فيها الإدارة غير ملزمة بتعليل قراراتها وقت إصدارها لها، وحقبة أصبحت فيها ملزمة بذلك.

المادة الأولى

تلزم المادة الأولى من هذا القانون إدارات الدولة والجماعات المحلية وهيآتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني المشار إليها في المادة الثانية بعده تحت طائلة عدم المشروعية، وذلك بالإفصاح كتابة في صلب هذه القرارات عن الأسباب القانونية والواقعية الداعية إلى اتخاذها.

- خاصيات هذا الفصل

1) كل الأجهزة الإدارية المتعاملة مع العموم خاضعة لهذا القانون وعلى الخصوص:

- إدارات الدولة (الوزارات، الإدارات المركزية، المصالح الخارجية...).

- الجماعات المحلية (الجهات، الأقاليم، العمالات، الجماعات الحضرية والقروية، الهيآت التي تحدثها كالوكالات المستقلة، ونقابات الجماعات)؛

- المؤسسات العمومية ؛

- المصالح المكلفة بتسيير مرفق عمومي.

2) القرارات الفردية

هي القرارات التي تمس الفرد، أي كل شخص بعينه، سواء كان فردا واحدا أو مجموعة من الأشخاص ولكن بعينها، وتستثني منها القرارات الطبيعية التنظيمية أي تلك النصوص القانونية ذات القواعد العامة والمجردة والملزمة.

ويشترط في القرارات المعنية بهذا القانون أن تكون سلبية بالنسبة للشخص المعني أو لأشخاص المعنيين بالأمر، أي أنها ليست في صالحه أو صالحهم.

3) وجوب تضمين القرار االإداري للتعليل كشرط أولي لصحته.

يتضمن هذا الشرط الشكلي ضرورة وجود التعليل وتضمينه في صلب القرار، وكل إخلال بهذا الشرط يجعل القرار غير شرعي على حالته.

هذا، وقد حددت هذه المادة شروط صحة التعليل بأن يكون:

* مكتوبا في صلب القرار، وهذا يعني:

- عدم جواز القرار الشفوي في المجالات التي تخضع لأحكام هذا القانون.

- عدم جواز فصل التعليل عن مضمون القرار في وثيقتين مستقلتين بتواريخ مختلفة أو حتى متزامنتين.

- أن يكون القرار مكتوبا ومقنعا، ولا تستعمل فيه جمل فضفافة ومطاطية كصيغة:

تطبق النصوص والقوانين الجاري بها العمل.

- أن يفصح عن الوقائع المادية والأسباب القانونية التي دعت إلى اتخاذ هذا القرار : وهذا يتطلب من الإدارة عرض الوقائع المادية بأمانة،وتكييفها والبحث عن القاعدة أو القواعد القانونية ذات الصلة بها.

4) الشرعية

يقصد بالشرعية في هذا القانون : كل النصوص القانونية التي تضبط سلوك المواطنين، أي كل القوانين والمراسيم والقرارات الوزارية التنظيمية التي تصدر عن السلطة الشرعية في حدود، وطبقا لما ينص عليه الدستور، وبالتالي فإن الشرعية تهدف إلى جعل الجميع أيا كان مركزهم في وضعية الخضوع للقانون على خلاف وضعية التعسف التي لا تسند على القانون، ولتفادي هذه الوضعية الأخيرة ومن أجل بسط سلطان القانون، تم إخضاع عمل الإدارة إلى الشرعية، فتعطيها القوة الإلزامية التنفيذية، بحيث لم يكن جائزا للمرؤوس أو الجهاز الموكول له مهمة التنفيذ مناقشة أو الاعتراض عليها أو على تنفيذها، مهما كانت عللها الظاهرة، وهو نفس الحكم الذي كان سائرا حتى على المنفذ عليه.. فإن الأمر أصبح اليوم مختلفا بالنسبة للقرارات الإدارية الصادرة في المجالات التي أخضعها القانون الحالي لإلزامية التعليل، بحيث لن تكون لها القوة الإلزامية بالنسبة لكل المتدخلين في مسلسل التنفيذ إلا إذا توفرت في صلبها على ا لتعليل في جانب وجوده الشكلي، بغض النظر عن مدى جديته وماديته وقانونيته المعلنة والذي يبقى تقييمه من اختصاص المحكمة الإدارية.

المادة الثانية

يخضع للتعليل، مع مراعاة أحكام المادتين 3 و4 من هذا القانون، علاوة على القرارات الإدارية التي أوجبت النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل تعليلها، القرارات الإدارية التالية:

أ-القرارات المرتبطة بمجال ممارسة الحريات العامة أو التي تكتسي طابع إجراء ضبطي؛

مثال: عن القرارات التي تمس بالحريات العامة:

1- قرار عدم منح رخصة التغيب لمزاولة نشاط نقابي؛ 2- قرار سحب جريدة من السوق؛ 3- قرار سحب سلعة معينة من السوق.

ب-القرارات التي تكتسي طابع إجراء ضبطي:

الإجراء الضبطي أو كما يسمى أيضا بالشرطة الإدارية يفيد تلك الضوابط التي تصدرها السلطة العمومية الإدارية للمواطنين في شأن الحياة العامة اليومية، أو من أجل ممارسة نشاط معين.

* أهداف الشرطة الإدارية أو الإجراءات الضبطية هي:

1- الحفاظ على النظام والانتظام في الطرقات العمومية؛

2 - التصدي للفوضى في الطرقات العمومية وهو ما يسمح بمنع بعض التظاهرات في الطرقات العمومية؛

3- الأمن أو الأمان بالمفهوم الوقائي: أي الوقاية من جميع أنواع الكوارث سيما الطبيعية، مثل الفيضانات أو الحرائق، أو انهيار المباني إلخ.

4- المجالات الصحية: مثل الوقاية من الأوبئة،كالتسمم أو الوقاية من الوضعيات غير الصحية الناتجة عن المياه المستعملة إلخ...

5- الطمأنينة: أي عدم عرقلة النظام والانتظام العمومي كمنع الضجيج خصوصا بالليل وبصفة عامة كل ما أزعج راحة المواطنين.

مجال سلطة الشرطة الإدارية أو الإجراءات الضبطية هي:

1-حرية التنقل؛ 2-ممارسة حق الملكية وحرمة المنزل وحرية الولوج إليه ؛ 3- حرية التجارة؛

4- حرية الصحافة ؛

5- حرية التجمع ؛ 6- حرية العروض المسرحية ؛ 7- حرية ممارسة العبادة؛ 8- الحفاظ على جمالية المظهر الخارجي للبنايات، إلخ...

ب- القرارات الإدارية القاضية بإنزال عقوبة إدارية وتأديبية

مثال: قرار إصدار عقوبة ضد موظف بالتوبيخ أو القهقرة في الدرجة.

ج- القرارات الإدارية التي تقيد تسليم رخصة أو شهادة أو أي وثيقة إدارية أخرى بشروط، أو تفرض أعباء غير منصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

مثال: عن القرارات التي تفرض أعباء غير منصوص عليها في القانون

- منح رخصة السكن شريطة تخصيص المنزل لنشاط غير السكن؛

- إلزام بعض الإدارات للناجحين في امتحانات الولوج للوظائف بالعمل لديها لمدة لاتقل عن 10سنوات.

- عدم أخذ شهادة السكنى إلا بشراء رهان اليناصيب الوطني.

د- القرارات القاضية بسحب أو إلغاء قرار منشئ لحقوق:

مثال: قرار سحب رخصة النقل العمومي "كريما"

1) المقررات الإدارية التي تستند على تقادم أو فوات أجل أو سقوط حق

مثال: قرار رفض تمديد رخصة استغلال مقلع على أساس أحد من الأسباب (تقادم أو فوات الأجل أو سقوط الحق).

و-القرارات التي ترفض منح امتياز يعتبر حقا للأشخاص الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية.

مثال: القرارات القاضية برفض منح جواز السفر.

المادة الثالثة

"تستثني من أحكام المادة الأولى من هذا القانون القرارات الإدارية التي يقتضي الأمن الداخلي والخارجي للدولة عدم تعليلها".

مثال: قرار عدم السماح بأخذ صور لبعض الأماكن تحت ذريعة أنها تكتسي طابعا استراتيجيا أمنيا أو عسكريا.

المادة الرابعة

»إن القرارات الإدارية الفردية التي تتخذها الإدارات في حالة الضرورة أو الظروف الاستثنائية والتي يتعذر تعليلها لاتكون مشوبة بعدم الشرعية بسبب عدم تعليلها وقت اتخاذها، غير أنه يحق للمعني بالأمر تقديم طلب إلى الجهة المصدرة للقرارات داخل أجل (30) ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ لاطلاعه على الأسباب الداعية إلى اتخاذ القرار الإداري السلبي الصادر لغير فائدته.

- يجب على الإدارة حينئذ أن تجيب على طلب المعني داخل أجل 15 خمسة عشرة يوما من تاريخ توصلها بالطلب.

المادة الخامسة

تنص هذه المادة على حق المرتفق المتضرر من قرار إداري في ممارسة المسطرة القضائية حتى بعد فوات أجل الطعن العادي، ولكن شريطة ممارستها داخل الثلاثين يوما الموالية لهذا الفوات، وذلك بمراجعة الإدارة قصد مطالبتها بإخباره، بأسباب الرفض الضمني، والتي يتعين عليها في هذه الحالة وفي باب الوجوب بالرد داخل أجل خمسة عشرة يوما من تاريخ توصلها هذا الطلب، مما يفتح له أجلا جديدا لاستدراك الموقف وممارسة المسطرة القضائية.

المادة السادسة

تنص هذه المادة على أن كل الطعون المقدمة تمدد الأجل المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية (الفصل 360) وفي القانون المنظم للمحاكم الإدارية (المادة 23) ضمانا لحقوق الأفراد والجماعات تجاه الأجهزة الإدارية.

المادة السابعة

تحدد هذه المادة الأجل الذي يصبح فيه هذا النص ساري المفعول: يعمل بأحكام هذا القانون ابتداء من الشهر السادس الموالي للشهر الذي يصدر فيه بالجريدة الرسمية.

بتصرف عن المجلة المغربية للإدارة

المحلية والتنمية عدد

2002-47

إرسال تعليق

0 تعليقات